الدوحة، 10 مايو 2023 - قبل ساعات من رسم خارطة الطريق نحو لقب النسخة الجديدة من كأس آسيا لكرة لقدم 2023 عبر القرعة التي ستسحب في الدوحة يوم غد الخميس، يتواصل السؤال عما إذا كان التتويج سيبقى حكرا على منتخبات بعينها شكلت محورا بات يعرف بالقوى التقليدية الكبرى في القارة الصفراء والتي تهمين على الكأس دون أن تخطئها سوى في ثلاث فقط من أصل سبع عشرة نسخة منذ الانطلاقة عام 1956.
والحديث عن احتكار اللقب يخص منتخبات دأبت أن تلعب أدوارا طلائعية في المنافسة على بطولة تحمل إرثا تاريخيا كبيرا على المستوى القاري، يأتي على رأسها المنتخب الكوري الجنوبي البطل الأول لنسختي الاستهلال، ثم منتخب إيران الذي هيمن على البطولة في ثلاث مناسبات تواليا، ليتفرد وحيدا بهذا الشرف الكبير، إلى جانب المنتخب السعودي الذي أحكم قبضته على الكأس خلال ما يزيد على عقد امتد من 1984 حتى 1996 متوجا بطلا في ثلاث من أربع بطولات أقيمت خلال تلك الفترة، تاركا لقبا وحيدا للمنتخب الياباني الذي بدأ يتحسس طريق المجد قبل أن يشتد عوده فارضا نفسه رقما صعبا بعد أن أضاف ثلاث كؤوس إلى اللقب الأول ليصل المجموع إلى أربعة ألقاب، تصدر بها لائحة الأبطال تاريخيا.
ولم تقتصر قائمة الكبار على المنتخبات الأربعة سالفة الذكر، بعدما فرضت أخرى نفسها بين الصفوة كالمنتخب الأسترالي الذي سجل حضوره الأول عقب الانضمام للقارة الآسيوية في نسخة العام 2007 حاملا مجدا كبيرا بتاريخ مونديالي بالحضور بنسختين ألمانيتين عامي 1974 و2006، فلم يدم الانتظار طويلا بعدما خاض المنتخب الأسترالي نهائي كأس آسيا في قطر 2011 حتى توج بطلا في البطولة التي استضافها على أرضه عام 2015.
أما أحدث المنضمين إلى قائمة القوى التقليدية فهو المنتخب القطري حامل اللقب الأخير في الإمارات 2019 مدججا بمشروع كبير بات أنموذجا يحتذى في صناعة فريق بطل شرف القارة في حضور وازن في بطولات أخرى على غرار كوبا أميركا والكأس الذهبية والتصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم، وذلك في إطار تحضيراته للمونديال العربي الأول في تاريخ كأس العالم، وبالتالي فسيدخل المنتخب القطري البطولة الحالية كمرشح فوق العادة للاحتفاظ بلقبه الذي ناله في النسخة الماضية، معولا على التطور الكبير الذي عرفه في السنوات الأخيرة، إلى جانب كونه صاحب الأرض الذي سيلقى دعما كبيرا من جماهيره التي أكدت قيمة وحجم وقوفها خلف منتخبها خلال نهائيات كأس العالم 2022.
ووجدت منتخبات عريقة نفسها خارج دوائر تصنيف القوى الكبرى، على غرار المنتخب الكويتي أول منتخب عربي يظفر بكأس آسيا في نسخة العام 1980 قبل أن يعاني في السنوات الأخيرة، إلى جانب المنتخب العراقي المتوج بالكأس القارية عام 2007 قبل أن يتوارى عن الأنظار في النسخ الموالية، فما يشفع لبقية المحافظين على هيبتهم حتى باتوا قوى تقليدية، هو ذاك الحضور الدائم في النهائيات بتواجدهم إما في الوصافة أو في المربع الذهبي على أبعد تقدير.
ويتكرس الحديث عن احتكار لكأس آسيا عند مراجعة مجموع ألقاب اليابان والسعودية وإيران وكوريا الجنوبية وأستراليا وقطر في كأس آسيا والتي بلغت 14 لقبا من أصل 17، ناهيك عن تواجد تلك المنتخبات في الوصافة بمجموع ثماني مناسبات، في حين تواجد أحد تلك المنتخبات طرفا في النهائي في ست عشرة بطولة، من بينها سبع مباريات نهائية كان المتباريان فيها من بين تلك المنتخبات الستة.
ويتصدر المنتخب الياباني لائحة المتوجين باللقب في أربع مناسبات أعوام (1992، 2000، 2004، 2011) ثم يأتي المنتخب السعوي ثانيا بثلاثة ألقاب أعوام (1984، 1988، 1996) إلى جانب المنتخب الإيراني بنفس العدد أعوام (1968،1972، 1976) ثم كوريا الجنوبية في نسختي (1956، 1960)، فيما نال المنتخب القطري لقبا عام 2019، وأستراليا 2015، فيما نال المنتخب العراقي اللقب عام 2007 وتوج المنتخب الكويتي بالكأس عام 1980.
وجاء التصنيف الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) والصادر يوم 6 أبريل الماضي، ليؤكد ريادة المنتخبات الستة قاريا، وليضمن لها التواجد في المستوى الأول وبالتالي على رأس المجموعات الست التي تم توزيع المنتخبات الـ 24 المتأهلة إلى النهائيات عليها قبل سحب القرعة المقررة يوم غد الخميس في الدوحة، ما يعني ضمان عدم وجود مواجهات مباشرة بين الكبار في الدور الأول وربما في الأدوار التالية في حال سير المنافسات وفق المتوقع بضمان تأهل تلك المنتخبات في صدارة مجموعاتها.
ورغم حجز المنتخب القطري مقعده في المستوى الأول بصفته مستضيف البطولة الذي سيكون على رأس المجموعة الأولى في القرعة، لكن ذلك لم يكن على حساب منتخب آخر وفق التصنيف الدولي، ذلك أن المنتخب القطري متواجد بين أفضل ستة منتخبات في تصنيف الاتحاد الدولي، حيث احتل المركز 61 عالميا والسادس آسيويا.
وتصدر المنتخب الياباني المنتخبات الآسيوية في تصنيف الفيفا بعدما جاء في المركز 20 عالميا، يليه المنتخب الإيراني الثاني قاريا وصاحب المركز 24 عالميا، ثم المنتخب الكوري الجنوبي 27 عالميا، ثم المنتخب الأسترالي الرابع آسيويا والـ 29 عالميا، ثم المنتخب السعودي الخامس قاريا والـ 54 عالميا.
ولم يجد الكبار أي عناء في ضمان التأهل إلى النهائيات وفي وقت مبكر جدا، ومن خلال المرحلة الثانية من التصفيات المشتركة بين البطولة القارية وكأس العالم 2022، حيث تصدرت المنتخبات الستة مجموعاتها لتضمن آنذاك العبور إلى كأس آسيا 2023 وإلى المرحلة النهائية من تصفيات المونديال، حيث تصدر المنتخب الياباني المجموعة السادسة دون خسارة أو حتى تعادل، وتصدر المنتخب الإيراني المجموعة الثالثة، وجاء المنتخب السعودي أول المجموعة الرابعة دون خسارة، وكذلك فعل المنتخب الكوري الجنوبي في المجموعة الثامنة، ونسج المنتخب الأسترالي على المنوال ذاته في المجموعة الثانية بسجل ناصع من الانتصارات، فيما تصدر المنتخب القطري المجموعة الخامسة بدون خسارة أيضا.
وتأتي التكهنات بعدم خروج لقب كأس آسيا من بين أحد المنتخبات الستة التي تشكل القوى الكبرى، من واقع ما قدمته تلك المنتخبات في نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022 بعدما حملت مشعل تمثيل القارة في المونديال عن جدارة واستحقاق، حيث حجزت منتخبات اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية وإيران بطاقات التصفيات الأربع المباشرة، فيما تأهل المنتخب الأسترالي عبر الملحق العالمي على حساب بيرو، في حين بلغ المنتخب القطري النهائيات بصفته صاحب الأرض.
المنتخب الياباني صنع الحدث في المونديال ببلوغ الدور ثمن النهائي بعد فوزه على بطلين سابقين للعالم وهما ألمانيا وإسبانيا، قبل أن يغادر البطولة بضربات الترجيح أمام المنتخب الكرواتي، وتأهل المنتخب الأسترالي إلى الدور الثاني أيضا في مجموعة صعبة تواجدت فيها فرنسا قبل أن يخرج في الدور الثاني أمام البطل الأرجنتين، وكان المنتخب الكوري الجنوبي ثالث المتأهلين إلى الدور ثمن النهائي بعد فوزه على البرتغال، ليخرج أمام البرازيل في حين قدم المنتخب السعودي مستوى لافتا وحقق فوزا تاريخيا على الأرجنتين في مستهل المشوار لكنه لم يتأهل الى الدور الثاني، أما المنتخب الإيراني فقد حل ثالثا في مجموعة ضمت إنجلترا وويلز وأمريكا، فيما سجل المنتخب القطري حضوره التاريخي الأول في المونديال.